وضع الاديب والرحالة يوسف بن اليان سركيس الدمشقى كتابه "روميه موطن العلوم والاثار النفيسة" فى صيغة رسائل أرسلها إلى ابن أخيه فى بيروت على أثر رحلته من اسطنبول إلىروما التى يسميها رومية مطلع القرن العشرين وتحديدا عام 1903.
وهذه اليوميات تعكس شخصية دمشقية محبة للثقافة والفنون والتاريخ وكتب فى رسائله يقول:" كانت روميه قديما توصف بالمؤبدة القرار وبعد أن مكثت أجيالا مبأة ملوك رومية أصبحت مقر الاحبار العظام وقاعدة المملكة الباباوية ثم انتقلت إلى الدولة الايطالية عام 1871 فجعلتها مبأة ملكها والحق يقال إن هذه المدينة نالت حظا وافرا من العمارة على عهد الدولة الايطالية فانها وسعت نطاقها وخططت لها شوارع جديدة عريضة وأقامت فيها الابنية العظيمة كدار الصنائع والفنون الحديثة فى شارع (ناسبوتالة) والبناء الشاهق تذكارا للملك (وكتور عمانوئيل) ثم دار العدلية على ضفة نهر التيبر وستكون أثرا بديع باتساعها وحسن انتظامها.
ومع القلب والابدال فى الابنية والشوارع والاسواق واختلاف نهج البناءين تحديا بالنهج الجارى فى العواصم الاوربية لا يزال قسم عظيم من المدينة باقيا على هيئته كما كان أيام حكم البابا ففى أزقة كثيرة رأينا تماثيل العذراء أو أيقوناتها معروضة خارج البيوت وأمامها مصابيح تسبح ليلا نهارا وفى دكاكين كثيرة كثيرة من باعة البقول والخبز والخمر مازالت صورة العذلراء داخل حوانتيتهم والقنديل يشعل أمامها إكراما لها .
وازداد سكان المدينة حتى بلغوا اليوم أربعمائة وخمسين ألفا وحكومتها ساهرة على نظافة طرقاتها وترتيب شوارعها ومحالها العامة وعلى راحة أهلها.
اجتزت يوما باحدى الطرقات المرصوفة بالحجارة وكانت بيدى ورقة لا طائل لها فأردت أن ألقيها إلى الارض لكنى بقيت مترددا إذا لم أجد فى الطريق شيئا من الاقذار والاوساخ ".