تقرير / إسلام محمود 

 

 

ما هي أزمة الأسواق الناشئة؟

ارتفاع أسعار الفائدة.. تقلص تدفقات الاموال الاجنبية.. وارتفاع اسعار الصرف.. أوجه ثلاثة للأزمة ظهرت بنسب متفاوتة في الاسواق الناشئة التي تتمتع فرص نمو اقتصادي قوية.

ففي تركيا ظهرت أزمة سياسية ادت الى انهيار الليرة وقفزة كبيرة لأسعار الفائدة وصلت الى 25 %.

وفي جنوب افريقيا واجهت الدولة تباطؤا في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي وهبوط كبير بالعملة وزيادة معدلات البطالة لأعلى مستوى في 15 عاما وانخفاض في استثمارات القطاع الخاص.

وفي الأرجنتين هبطت العملة بشكل حاد مع ارتفاع متصاعد في التضخم وتوسع في طباعة النقود وتزايد حجم الديون الخارجية بالعملة الصعبة في وقت تنخفض فيه العملة المحلية وترتفع فيه أسعار الفائدة على الدولار. 

وطلت الازمة برأسها على الدول الناشئة في صيف 2018 وتوقعت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني ان تستمر خلال عام 2019.

وأوضحت وكالة التصنيف الائتمائي في تقريرها حول التقييمات السيادية، أن أثر تشديد السياسة النقدية الأمريكية وقوة الدولار ومخاطر التجارة العالمية والنمو الاقتصادي سوف تستمر في الضغط على الأسواق الناشئة خلال العام المقبل.

وذكرت الوكالة أنها خفضت توقعاتها للنمو الاقتصادي في العديد من الأسواق الناشئة خلال هذا العام بسبب مجموعة من الأحداث والمخاطر والتطورات الأوسع نطاقاً بما في ذلك معدلات الفائدة الأمريكية والظروف المالية الأكثر تشدداً إضافة للحمائية التجارية.

وبحسب "فيتش"، فإنه من المحتمل أن يؤدي المزيد من ارتفاع الدولار والظروف المالية العالمية المتشددة في إعاقة تدفق رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة.

أين تقع مصر على خريطة الأزمة؟

يرى الدكتور على الادريسي استاذ الاقتصاد ان ازمة الاسواق الناشئة اثرت على مصر ولكن تظل مصر اوفر حظا في مواجهة الازمة لما تتمتع به من استقرار اقتصادي.

"شهدنا تقلبات في اسعار الصرف وقفزات لاسعار الفائدة في العديد من الدول الناشئة وكذلك واجهت تلك الدول انهيارا في اسواق المال حتى ان البنك الدولي نشر توقعات سيئة عن الاقتصاد.. وكذلك صندوق النقد الدولي حيث توقع تراجعا لنمو الاقتصاد العالمي بنحو 0.3 % وهو ما يعد رقما كبيرا بالنظر للاقتصاد العالمي.. وادي ذلك الى تحوط بين فئات المستثمرين وهو ما ظهر خاصة في حركة رؤوس الاموال الاجنبية"، وفقا للادريسي.

واضاف انه بالنظر الى مصر نرى ان الاقتصاد يتمتع باستقرار نسبي كبير مقارنة بالدول الناشئة الاخرى ففي تقرير حديث ليموران اليابانية رصد حركة صناديق التحوط السيادية في 7 دول ناشئة هي مصر وسريلانكا وجنوب افريقيا واوكرانيا وباكستان وتركيا والارجنتين لوحظ خروج كبير لاستثمارات تلك الصناديق من فنزويلا وتركيا على سبيل المثال وهو ما لم يحدث في مصر.

وفي الوقت نفسه - بحسب الادريسي - فان مصر لم تشهد تقلبات عنيفة في حركة اسعار الصرف او اسعار الفائدة على الجنيه كما حدث في دول اخرى حيث وصلت الفائدة على الليرة التركية الى 25 % بعد تراج العملة بنحو 30 % أمام الدولار كما وصلت الفائدة في الارجنتين الى 60 % وبلغت 21 % في فنزويلا.

"المشكلة بالنسبة الى مصر تتلخص في تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر .. ففي حال تراجع نمو الاقتصاد العالمي سنرى تراجعا للطلب على الاستثمار في مصر وهو ما يؤثر بالتبعية على حصة مصر في الاستثمارات الدولية .. وذلك بالرغم ان عام 2017 شهد تراجعا لتدفق الاستثمار الاجنبي المباشر حول العالم بنسبة 24 % بينما جذبت مصر 7.4 مليار دولار استثمارات اجنبية مباشرة وحصلت على المركز الاول في جذب الاستثمار بين دول (السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا) الكوميسا"، وفقا للادريسي.

 

وافاد الدكتور مصطفى بدرة استاذ التمويل والاستثمار بان ازمة الاسواق الناشئة خلفت نوعا من التحفظ في ضخ رؤوس الاموال وهو ما قد يؤثر على مصر سواء عن طريق الاستثمار المباشر او غير المباشر فضلا عن الاجراءات الحمائية التي خلفها النزاع التجاري بين امريكا والصين مشيرا الى ان بعض هذه الامور تحتاج الى وقت اكبر لتقييم اثرها.

"ازمة الاسواق الناشئة اعادت توزيع الاستثمارات حول العالم سواء مباشرة او غير مباشرة حيث تحركت بعض الاموال الساخنة من اذون الخزانة والسندات المصرية الى الاسواق الناشئة الاخرى التي رفعت اسعار الفائدة بشكل اكبر وكذلك تأثرت الاستثمارات في البورصة المصرية لتتراجع عن قممها التاريخية التي سجلتها تباعا .. وفقد مؤشر السوق الرئيسي نحو 7.5 % من قيمته منذ مطلع العام"، وفقا لبدرة.

واضاف بدرة ان فرض امريكا اجراءات حمائية على بعض وارداتها وهو ما ردت عليه الصين باجراءات مماثلة ادى الى تراجع الاستثمار الاجنبي المباشر بنسبة تتراوح بين 15 % و20 % خلال الشهور الستة الاولى من 2018 وهو ما قد يلقى باثره على الاستثمارات القادمة الى مصر.

الدولار وأزمة "الأوروبي"

وذكر بدرة ان ازمة الاسواق الناشئة قد تتعزز بعوامل خارجية اخرى ومنها الفائدة على الدولار وخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.

وقال "رفع الولايات المتحدة الامريكية - اكبر اقتصاد في العالم - لاسعار الفائدة على الدولار وسط توقعات برفع اخر قبل نهاية 2018 يحفز المستثمرين على ضخ اموال في اذون الخزانة الامريكية وان كانت اقل عائدا مقارنة بما سواها في الاسواق الناشئة نظرا لما تتمتع به العملة الخضراء من ثقة وامان للمستثمر".

وخلال يونيو 2018، اقر مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) رفع سعر الفائدة الرئيسي 0.25 في المئة، لتكون الزيادة الثانية في العام الحالي، والأعلى منذ الأزمة المالية 2008. وعزا البنك قراره الى أن استمرار نمو الاقتصاد الأمريكي وقوة سوق العمل.