أمير الشعراء أحمد شوقى
أمير الشعراء أحمد شوقى
01 أبريل, 2013 1:52 ص

 

                  

 إعداد/ هند الأمين يس                                                                                        


   نشأته وحياته


 ولد أحمد شوقي بحي الحنفي بالقاهرة في (20 من رجب 1287 هـ  - 16 من أكتوبر 1870م) لأب شركسي وأم من أصول يونانية وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل وعلى جانب من الغنى والثراء ، فتكفلت بتربية حفيدها ونشأ معها في القصر، ولما بلغ الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح ، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة ، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية وأظهر فيها نبوغًا واضحًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة وانكب على دواوين فحول الشعراء ، فبدأ الشعر يجري على لسانه

 وبعد أن أنهى تعليمه بالمدرسة وهو في الخامسة عشرة من عمره التحق بمدرسة الحقوق سنة (1303هـ - 1885م) وانتسب إلى قسم الترجمة الذي قد أنشئ بها حديثًا وفي هذه الفترة بدأت موهبته الشعرية تلفت نظر أستاذه الشيخ "محمد البسيوني"، ورأى فيه مشروع شاعر كبير، فشجّعه، وكان الشيخ بسيوني يُدّرس البلاغة في مدرسة الحقوق ويُنظِّم الشعر في مدح الخديوي توفيق في المناسبات وبلغ من إعجابه بموهبة تلميذه أنه كان يعرض عليه قصائده قبل أن ينشرها في جريدة الوقائع المصرية وأثنى عليه في حضرة الخديوي وأفهمه أنه جدير بالرعاية، وهو ما جعل الخديوي يدعوه لمقابلته

 

  السفر إلى فرنسا

 

 وبعد عامين من الدراسة تخرّج من المدرسة والتحق بقصر الخديوي توفيق ، الذي ما لبث أن أرسله على نفقته الخاصة إلى فرنسا ، لمدة عامين لدراسة القانون ، ثم انتقل إلى جامعة باريس لاستكمال دراسته حتى حصل على إجازة الحقوق سنة (1311هـ = 1893م)، ثم مكث أربعة أشهر قبل أن يغادر فرنسا في دراسة الأدب الفرنسي دراسة جيدة ومطالعة إنتاج كبار الكتاب والشعر

 

العودة إلى مصر

 

 عاد شوقي إلى مصر فوجد الخديوي عباس حلمي يجلس على عرش مصر ، فعيّنه بقسم الترجمة في القصر ، ثم ما لم لبث أن توثَّقت علاقته بالخديوي الذي رأى في شعره عونًا له في صراعه مع الإنجليز ، فقرَّبه إليه بعد أن ارتفعت منزلته عنده ، وخصَّه الشاعر العظيم بمدائحه في غدوه ورواحه، وظل شوقي يعمل في القصر حتى خلع الإنجليز عباس الثاني عن عرش مصر وأعلنوا الحماية عليها سنة (1941م) وولّوا حسين كامل سلطنة مصر وطلبوا من الشاعر مغادرة البلاد ، فاختار النفي إلى برشلونة في إسبانيا وأقام مع أسرته في دار جميلة تطل على البحر المتوسط

 

شعره في هذه الفترة

 

 دار شعر شوقي في هذه الفترة التي سبقت نفيه حول المديح , حيث غمر الخديوي عباس حلمي بمدائحه والدفاع عنه وهجاء أعدائه ولم يترك مناسبة إلا قدَّم فيها مدحه وتهنئته له ، منذ أن جلس على عرش مصر حتى خُلع من الحكم ويمتلئ الديوان بقصائد كثيرة من هذا الغرض

ووقف شوقي مع الخديوي عباس حلمي في صراعه مع الإنجليز ومع من يوالونهم


 

  ومن شعره فى هجاء من يعارض الخديوى قوله

              

غمرت القوم  إطراءً  وحمدًا       وهم غمروك  بالنعم  الجسام

                خطبت فكنت خطبًا لا خطيبًا         أضيف إلى  مصائبنا  العظام                        


لهجت  بالاحتلال وما أتا هو        جرحك منه لو أحسست دام


 وبلغ من تشيعه للقصر وارتباطه بالخديوي أنه ذمَّ أحمد عرابي وهجاه بقصيدة موجعة ولم يرث صديقه مصطفى كامل إلا بعد فترة وكانت قد انقطعت علاقته بالخديوي بعد أن رفع الأخير يده عن مساندة الحركة الوطنية بعد سياسة الوفاق بين الإنجليز والقصر الملكي؛ ولذلك تأخر رثاء شوقي بعد أن استوثق من عدم إغضاب الخديوي وجاء رثاؤه لمصطفى كامل شديد اللوعة صادق الأحزان ، قوي الرنين ، بديع السبك والنظم وإن خلت قصيدته من الحديث عن زعامة مصطفى كامل وجهاده ضد المستعمر ويقول فىمطلع القصيدة

                                                                                                                                                                         يا  خادم  الإسلام   أجر   مجاهد          في  الله  من  خلد  ومن  رضوان


لمّا نُعيت إلى الحجاز مشى الأسى          في  الزائرين   وروّع   الحرمان

 

 وارتبط شوقي بدولة الخلافة العثمانية ارتباطًا وثيقًا وكانت مصر تابعة لها ، فأكثر من مدح سلطانها عبد الحميد الثاني ؛ داعيًا  المسلمين إلى الالتفات حولها ؛ لأنها الرابطة التي تربطهم وتشد من أزرهم ، فيقول


         أما الخلافة فهي حائط  بيتكم              حتى يبين الحشر عن أهواله

         لا تسمعوا للمرجفين وجهلهم             فمصيبة الإسلام  من  جُهّاله


 ولما انتصرت الدولة العثمانية في حربها مع اليونان سنة (1315هـ - 1887م) كتب مطولة عظيمة بعنوان "صدى الحرب" ، أشاد فيها بانتصارات السلطان العثماني واستهلها بقوله

 
         بسيفك  يعلو  والحق  أغلب                   وينصر دين الله أيان تضرب

 

 وهي مطولة تشبه الملاحم وقد قسمها إلى أجزاء كأنها الأناشيد في ملحمة ، فجزء تحت عنوان "أبوة أمير المؤمنين" وآخر عن "الجلوس الأسعد" وثالث بعنوان "حلم عظيم وبطش أعظم" ويبكي سقوط عبد الحميد الثاني في انقلاب قام به جماعة الاتحاد والترقي، فينظم رائعة من روائعه العثمانية التي بعنوان "الانقلاب العثماني وسقوط السلطان عبد الحميد"، وقد استهلها بقوله

 
   سل يلدزا ذات القصور              هل جاءها  نبأ  البدور

 لبكتك بالدمع الغزير                 لو  تستطيع   إجابة

 نظم شوقى إسلامياته الرائعة وتعد قصائده في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) من أبدع شعره قوة في النظم ، وصدقًا في العاطفة ، وجمالاً في التصوير ، وتجديدًا في الموضوع ، ومن أشهر قصائده "نهج البردة" التي عارض فيها البوصيري في بردته، وحسبك أن يعجب بها شيخ الجامع الأزهر آنذاك محدث العصر الشيخ "سليم البشري" فينهض لشرحها وبيانها ويقول في مطلع القصيدة

 
 ريم على القاع بين  البان  والعلم           أحل سفك دمي في الأشهر الحرم

 

 ومن أبياتها في الرد على مزاعم المستشرقين الذين يدعون أن الإسلام انتشر بحد السيف

 

 
قالوا غزوت ورسل الله ما بعثوا            لقتل نفس ولا جاءوا  لسفك  دم

 
 جهل وتضليل  أحلام  وسفسطة             فتحت بالسيف بعد  الفتح  بالقلم


وقصيدة ذكرى المولد التي مطلعها

 
سلوا قلبي غداة سلا وتابا                    لعل على الجمال له عتابًا


 كما اتجه شوقي إلى الحكاية على لسان الحيوان وبدأ في نظم هذا الجنس الأدبي منذ أن كان طالبًا في فرنسا ؛ ليتخذ منه وسيلة فنية يبث من خلالها نوازعه الأخلاقية والوطنية والاجتماعية ويوقظ الإحساس بين مواطنيه بمآسي الاستعمار ومكائده

 وقد صاغ شوقي هذه الحكايات بأسلوب سهل جذاب وبلغ عدد تلك الحكايات 56 حكاية ، نُشرت أول واحدة منها في جريدة "الأهرام" سنة (1310هـ - 1892م) وكانت بعنوان "الهندي والدجاج" وفيها يرمز بالهندي لقوات الاحتلال وبالدجاج لمصر

 

  النفي إلى إسبانيا

 

 وفي الفترة التي قضاها شوقي في إسبانيا تعلم لغتها وأنفق وقته في قراءة كتب التاريخ ، خاصة تاريخ الأندلس، وعكف على قراءة عيون الأدب العربي قراءة متأنية، وزار آثار المسلمين وحضارتهم في إشبيلية وقرطبة وغرناطة

 وأثمرت هذه القراءات أن نظم شوقي أرجوزته "دول العرب وعظماء الإسلام"، وهي تضم 1400 بيت موزعة على (24) قصيدة ، تحكي تاريخ المسلمين منذ عهد النبوة والخلافة الراشدة

 وفي المنفى اشتد به الحنين إلى الوطن وطال به الاشتياق وملك عليه جوارحه وأنفاسه ولم يجد من سلوى سوى شعره يبثه لواعج نفسه وخطرات قلبه، وظفر الشعر العربي بقصائد تعد من روائع الشعر صدقًا في العاطفة وجمالاً في التصوير، لعل أشهرها قصيدته التي بعنوان "الرحلة إلى الأندلس"، وهي معارضة لقصيدة البحتري التي يصف فيها إيوان كسرى ومطلعها
 

 

صنت نفسي عما يدنس نفسي               وترفعت عن جدا  كل  جبس


 وقد بلغت قصيدة شوقي (110) أبيات تحدّث فيها عن مصر ومعالمها وبثَّ حنينه وشوقه إلى رؤيتها ، كما تناول الأندلس وآثارها الخالدة وزوال دول المسلمين بها ومن أبيات القصيدة التي تعبر عن ذروة حنينه إلى مصر قوله

 
 أحرام  على   بلابله   الدوح               حلال للطير  من  كل  جنس

 وطني لو شُغلت  بالخلد  عنه            نازعتني إليه في الخلد  نفسي
 شهد الله لم يغب عن  جفوني            شخصه ساعة ولم يخل حسي


 

  أحمد شوقي و سعد زغلول

  العودة إلى الوطن

 

 عاد شوقي إلى الوطن في سنة (1339هـ - 1920م) واستقبله الشعب استقبالاً رائعًا واحتشد الآلاف لتحيته وكان على رأس مستقبليه الشاعر الكبير "حافظ إبراهيم" وجاءت عودته بعد أن قويت الحركة الوطنية واشتد عودها بعد ثورة 1919م، وتخضبت أرض الوطن بدماء الشهداء، فمال شوقي إلى جانب الشعب وتغنَّى في شعره بعواطف قومه وعبّر عن آمالهم في التحرر والاستقلال والنظام النيابي والتعليم ولم يترك مناسبة وطنية إلا سجّل فيها مشاعر الوطن وما يجيش في صدور أبنائه من آمال

 ورأى في التاريخ الفرعوني وأمجاده ما يثير أبناء الشعب ويدفعهم إلى الأمام والتحرر ، فنظم قصائد عن النيل والأهرام وأبي الهول ولما اكتشفت مقبرة توت عنخ أمون وقف العالم مندهشًا أمام آثارها المبهرة ورأى شوقي في ذلك فرصة للتغني بأمجاد مصر؛ حتى يُحرِّك في النفوس الأمل ويدفعها إلى الرقي والطموح ، فنظم قصيدة رائعة مطلعها

 
                 قفي يا أخت يوشع  خبرينا              أحاديث  القرون   الغابرين                     وقصي من مصارعهم علينا               ومن  دولاتهم  ما   تعلمينا


  مسرحيات شوقي

 

 بلغ أحمد شوقي قمة مجده وأحس أنه قد حقق كل أمانيه بعد أن بايعه شعراء العرب بإمارة الشعر ، فبدأ يتجه إلى فن المسرحية الشعرية وكان قد بدأ في ذلك أثناء إقامته في فرنسا لكنه عدل عنه إلى فن القصيد

 وأخذ ينشر على الناس مسرحياته الشعرية الرائعة مثل : "مصرع كليوباترا" و"قمبيز" ومن التاريخ الإسلامي "مجنون ليلى" وأخرى من التاريخ المصري العثماني وهي "علي بك الكبير" وله مسرحيتان هزليتان هما : "الست هدي" و"البخيلة"

 

 وقد غلب الطابع الغنائي والأخلاقي على مسرحياته وضعف الطابع الدرامي وكانت الحركة المسرحية بطيئة لشدة طول أجزاء كثيرة من الحوار ، غير أن هذه المآخذ لا تُفقِد مسرحيات شوقي قيمتها الشعرية الغنائية ولا تنفي عنها كونها ركيزة الشعر الدرامي في الأدب العربي الحديث

 

  مكانة شوقي

 

 منح الله شوقي موهبة شعرية فذة وبديهة سيالة ، لا يجد عناء في نظم القصيدة ، فدائمًا كانت المعاني تنثال عليه انثيالاً وكأنها المطر الهطول، يغمغم بالشعر ماشيًا أو جالسًا بين أصحابه ، حاضرًا بينهم بشخصه غائبًا عنهم بفكره ولهذا كان من أخصب شعراء العربية؛ إذ بلغ نتاجه الشعري ما يتجاوز ثلاثة وعشرين ألف بيت وخمسمائة بيت ولعل هذا الرقم لم يبلغه شاعر عربي قديم أو حديث

 وكان شوقي مثقفًا ثقافة متنوعة الجوانب ، فقد انكب على قراءة الشعر العربي في عصور ازدهاره وصحب كبار شعرائه، وأدام النظر في مطالعة كتب اللغة والأدب وكان ذا حافظة لاقطة لا تجد عناء في استظهار ما تقرأ , حتى قيل بأنه كان يحفظ أبوابًا كاملة من بعض المعاجم، وكان مغرمًا بالتاريخ يشهد على ذلك قصائده التي لا تخلو من إشارات تاريخية لا يعرفها إلا المتعمقون في دراسة التاريخ، وتدل رائعته الكبرى "كبار الحوادث في وادي النيل" التي نظمها وهو في شرخ الشباب على بصره بالتاريخ قديمه وحديثه

 وكان ذا حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة في اختيار الألفاظ التي تتألف مع بعضها لتحدث النغم الذي يثير الطرب ويجذب الأسماع، فجاء شعره لحنًا صافيًا ونغمًا رائعًا لم تعرفه العربية إلا لقلة قليلة من فحول الشعراء .

 وإلى جانب ثقافته العربية كان متقنًا للفرنسية التي مكنته من الاطلاع على آدابها والنهل من فنونها والتأثر بشعرائها، وهذا ما ظهر في بعض نتاجه وما استحدثه في العربية من كتابة المسرحية الشعرية لأول مرة.

 وقد نظم الشعر العربي في كل أغراضه من مديح ورثاء وغزل ووصف وحكمة وقد جمع شوقي شعره الغنائي في ديوان سماه "الشوقيات" ، ثم قام الدكتور محمد صبري السربوني بجمع الأشعار التي لم يضمها ديوانه وصنع منها ديوانًا جديدًا في مجلدين أطلق عليه "الشوقيات المجهولة"

 

  وفاته

 

 ظل شوقي محل تقدير الناس وموضع إعجابهم ولسان حالهم ، حتى إن الموت فاجأه بعد فراغه من نظم قصيدة طويلة لمشروع القرش الذي نهض به شباب مصر وفاضت روحه الكريمة في (13 من جمادى الآخرة - 14 من أكتوبر1932م) 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اضف تعليقك
كلمات دلالية
بث مباشر
شاهد الآن البث المباشر
لقنوات النيل المتخصصة
مواقيت الصلاة (القاهرة)
19 أبريل
الفجر
الظهر
العصر
المغرب
العشاء
03:51
11:54
15:29
18:25
19:46
مواد ارشيفيه
  • سيناء 2018 العملية الشامله
  • مصر تحارب الاهارب
  • اغاني وطنية
  • 40 سنة على نصر أكتوبر
برامجنا
  • نجم اليوم
  • رياضة Online
  • ابطال التحدى
  • اهداف الاسبوع مع الثعلب
  • صباح الرياضة
  • النشرة الرياضية
  • فلاش (النشرة الفنية)
  • نهارك سعيد
  • لايف كلينك
  • ليالى لايف
  • صفحة جديدة
  • ستديو دراما
  • من كل بلد اكلة
  • الكره الافريقيه
  • ازاى ناكل صح
  • شركاء فى الكون
  • بالقانون
  • الشاعر
  • مطبخ لايف
  • وجها لوجه
  • حفل افتتاح قناة السويس الجديدة
  • برومو حفل نايل دراما لتكريم المع نجوم الدراما العربية
  • الفريق أول صدقي صبحي ينيب وفدا من كبار القادة لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة المجيد
  • القوات المسلحة تهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى السادسة والستين لثورة يوليو
  • مناقشه الإعتماد الدولي للمعمل المصري للكشف عن المنشطات بالمركز الطبي العالمي
  • قبول دفعة جديدة بالمعاهد الصحية للقوات المسلحة
  • قبول دفعة جديدة من المتطوعين للإنضمام لصفوف القوات المسلحة
  • القوات المسلحة تهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة حلول العام الهجرى الجديد 1440
  • البحرية المصرية والباكستانية تنفذان تدريب بحرى عابر بنطاق البحر الأبيض المتوسط
  • promo
  • COVID
أخترنا لك
صحف مصرية: ختام التدريب الجوي المصري السوداني "نسور النيل-2"
استطلاع الرأي

أهم ملف نجح الرئيس في مواجهته

جميع الحقوق محفوظة شبكة تلفيزيون النيل © 2014
Powered By: OnlineHorizons.net