ومن هذه المخلوقات المسبحة النجوم والكواكب ... والسماء بنجومها وكواكبها وزينتها
ونظامها ، صفحة من صفحات الكون الناطقة بعظمة الخالق سبحانه وتعالى .
والذى ينظر إلى النجوم في السماء يظنّها للوهلة الاولى أنهّا مبعثرة في الفضاء بصورة عشوائيّة
فلا يرى في السماء بناء ولا يلاحظ فيها أنظمة ، وذلك لعظمة سعتها ، وكثرة نجومها ، وتباعد
مسافاتها ... لكنّ الله تعالى يبيّن لنا في القرآن الكريم فى سورة "الرحمن "وسورة " ق" أنّه
خلق السماء وبناها على موازين وحسابات دقيقة ...فكل نجم فيها وكل جرم يتحرك ضمن نظام
وتقدير محكم ، بحيث لا يقع الخلل أو التصدع والفطور فيها …وبناءً على ذلك ... فإنّ الناس
يستطيعون أن يتخذوا من النجوم علامات يهتدون بها في أسفارهم في البر والبحر ... وهذا ما جاء
فى سورة الانعام عندما تحدثت عن النجوم... وهو ما أكدته الدراسات الحديثة ... كما أكدت
الدراسات أن السماء بنجومها وكواكبها تسير وفق نظام دقيق ومحكم .
وقد عرف علماء الفلك "النجم " بانه كرة ضخمة من الغازات الملتهبة ، لذا فهو يشعّ نوراً
وحرارة ، وهو يدور حول نفسه وحول مركز المجرّة .. وقد عرفوا " الكوكب " بانه كرة عاتمة
تدور حول نفسها وحول أقرب النجوم إليها ، وتتلقّى الحرارة والضوء من هذا النجم القريب ويكون
سطح الكوكب صلباً أو سائلاً أو غازيّاً ، وهذا التعريف وضع مؤخرا بينما كان القدامى يسمون
النجم كوكبا والكوكب نجما .
ولان القرآن الكريم معجز فقد فرق بين النجم والكوكب فى وصفه لهما وهذا التفريق موافق لما
قاله العلماء اليوم واصطلحوا عليه .
فوصف القرآن النجم فى سورة الطارق بأنّه ثاقب ... ويتوضّح معنى كلمة (ثاقب) من خلال
وصف القرآن للشهاب أيضاً بانه ثاقب.. .فى سورة الصافات وتعنى كلمة ثاقب كما جاءت فى
مختار الصّحاح ثقبت النار : اى اتّقدت .
فنحن نرى الشهاب يحترق ويلتهب ويتوقّد ويثقب الظلام بنوره ... والنجم الثاقب لا بد أن يحترق
ويلتهب ويتوقّد ويثقب الظلام بنوره كهذا الشهاب الثاقب .. فيشتركان بصفة الثقابة أي الاحتراق
والتّوقّد ... فهذه إشارة تفهم من القرآن عن طبيعة النجم .
أما الكوكب فقد جاء فى القرآن الكريم فى سورة النور حيث بين الله ان نوّره الذى ينور به
السماوات والأرض مثل نوره الذي يخلقه في قلب المؤمن كمشكاة وهي القنديل ، فيها مصباح أي
سراج وهو الفتيلة التي تضيء ؛ والسراج ضمن زجاجة ، والزجاجة كأنّها كوكب درّيّ يتلألأ بسبب
سقوط النور عليها .. وقوله : يوقد من شجرة ؛ أي القنديل يوقد من زيت شجرة زيتونة .
إذاً فالكوكب أيضاً يتلألأ بما يسقط عليه من نور غيره ..أي من نور السراج الوهّاج الذي شبّهت
الشمس به فالزجاجة والكوكب يستقبلان النور من السراج ويعكسانه .
فالنجم إذاً ملتهب ومتّقد من نفسه وهو سراج وهّاج يشعّ نوراً وحرارة ، أمّا الكوكب فهو
كالزجاجة العاكسة لضوء السراج ؛ فنوره إنّما هو من سقوط ضوء السراج (الشمس) عليه ...
فتشبيه الزجاجة بالكوكب تشبيه دقيق .
ويتأكّد الفرق بين النجم والكوكب بهذا المعنى عندما تتحدّث الآيات القرآنيّة عن نهاية هذا الكون
فتذكر نهايتين مختلفتين للنجوم والكوكب.. وذلك فى سورة المرسلات وسورة التكوير حيث بينت
لنا الايات أن نهاية النجوم يكون بطمس ضوئها ... أمّا الكواكب فقد ذكر الله عزّ وجلّ لها نهاية
أخرى فى سورة فاطر.. فهي تتناثر عند نهايتها يوم القيامة ؛ وهذا ما اكتشفه علماء الفلك حيث
شاهدوا نهاية بعض الكواكب وبعض النجوم ، فوجدوا النجوم تنتهي بأن تطمس ويذهب ضوؤها
وتتحوّل إلى كتل سوداء لا ضوء لها ، وأمّا الكواكب فتتناثر وتتمزّق إلى أشلاء ...
ويشير ذلك إلى أنّه يستبعد أن يكون مثل هذا التوافق بين المعاني التي يمكن فهمها من الآيات
القرآنيّة وبين ما عرفه العلم اليوم قد ورد في القرآن مصادفة .. بل يؤكد أن القران من عند الله
فهو يرينا دلائل قدرته فى الافاق وفي أنفسنا فيوافق ما يكتشفه العلم ما جاء في القرآن .
والنجوم والكواكب من دلائل قدرة الخالق بل انهم حقا كائن من كائنات تسبح .