كتبت : نهى سعيد

بدأت عقارب الساعة تتحرك وصولا لساعة الاعلان عن افتتاح قناة السويس الجديدة فيما تدق معها قلوب المصريين من الفرحة وتتجه أنظار العالم إلى أم الدنيا مصر ليشهدوا  في السادس من أغسطس الجارى افتتاح قناة السويس الجديدة، بعد الانتهاء من كافة مراحل الحفر والتأهب لحفل الافتتاح.

   بدأت فكرة إنشاء القناة مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، وفكر نابليون في شق القناة إلا أن الفكرة باءت بالفشل آنذاك حيث كان هناك اعتقاد غير علمى بأن مياه البحر الاحمر أعلى من مياه البحر المتوسط مما يمكن أن يهدد أوربا بالغرق فى حال تم شق القناة المقترحة للوصل بين البحرين ، وفي عام 1854 أستطاع ديلسبس في إقناع الخديوي سعيد بفكرة قناة السويس ؛ حيث قام الخديوي سعيد بمنح الشركة الفرنسية امتياز لمدة 99 عاماً، واستغرق شق  القناة 10 سنوات فى الفترة ما بين 1859 و 1869.

وساهم في عملية الحفر نحو مليون فلاح مصري ممن أجبروا على ترك حقولهم وقراهم لكي يشقوا الصحراء في أجواء من المرض والإهانة، وذلك في وقت وصل فيه عدد سكان مصر لأقل من 4 ملايين فيما يعرف بالسخرة والتي مات خلالها أكثر من 120 ألف مصري أثناء عملية الحفر على إثر الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة، ومعظمهم لم يستدل على جثمانه ودفن في الصحراء أو تحت مياه القناة.

وانفرد ديلسبس وحده بوضع لائحة العمال وحاز على توقيع الخديوي سعيد عليها، والتي ضمنت لشركة قناة السويس البحرية (الفرنسية في ذلك الوقت) الموارد البشرية الهائلة من خلال تعبئة العمالة المصرية لحفر القناة، وجاءت المادة الأولى من اللائحة لتنص على أن تقدم الحكومة المصرية العمال للشركة طبقاً للطلبات التي يتقدم بها كبير مهندسي الشركة وطبقاً لاحتياجات العمل.

 وحددت المادة الثانية أجور العمال التي تراوحت ما بين قرش ونصف القرش وثلاثة قروش في اليوم، وإذا كان العامل دون الثانية عشرة من عمره يتقاضى قرشاً واحداً في اليوم.

 والتزمت الشركة بتقديم الخبز المقدد إلى كل عامل بصرف النظر عن عمره، ونصت اللائحة على فرض عقوبات على العمال الهاربين من الحفر، فالعامل المهمل يخصم من أجره بما يتناسب مع مقدار إهماله، أما العامل الذي يهرب فيفقد أجر الخمسة عشر يوماً المحفوظة بخزينة الشركة، ونصت اللائحة أيضاً على عمل مستشفى ميداني بمنطقة الحفر ومراكز للإسعاف مزودة بالأدوية.

 بدأت فصول معاناة العمال من خلال نقض الشركة لوعدها بحفر قناة ماء عزب لمد العمال بمياه الشرب مما أدى للتضحية بآلاف العمال الذين أنهكتهم شدة العطش والانهيارات الرملية.

 ثم توالى سقوط الآلاف من العمال  بسبب انتشار الأوبئة، كما خالفت الشركة وعدها بتوفير وسائل متطورة في الحفر وأكره العمال المصريون على العمل في ظروف قاسية معتمدين فقط على سواعدهم وعلى الفأس والقفة.

   أما في القناة الجديدة فتم حفرها بواسطة 20 ألف عامل بمساعدة 45 كراكة في الحفر المائي وتوفي خلال عمليات الحفر المختلفة 7 عمال فقط خلال فترة شق القناة الجديدة التى لم تتجاوز العام الواحد .

كما  ضخت  وازرة الصحة 24 مليون جنيه من أجل تدعيم ورفع كفاءة المستشفيات المحيطة بالقناة لمدة عام كامل من أجل توفير الخدمات الطبية للعاملين بقناه السويس، ورفع كفاءة المستشفيات المحيطة بالمشروع.

  ويتوفر 9 مستشفيات ميدانية متنقلة في موقع مشروع قناة السويس ترعى كل العاملين وتشملهم صحيا وطبيا.

  ورفعت وزارة الصحة حالة الطوارئ استعدادا لحفل افتتاح قناة السويس فى يوم الافتتاح الرسمى (الخميس 6 أغسطس ) ، وتمتع العاملين فى شق القناة الجديدة بتأمين صحى  شامل عليهم خلال فترة عملهم بالمشروع. كما قدمت الحكومة وثيقة  تأمين للعاملين بأعمال التكريك للمشروع  قناة السويس الجديدة  بمبلغ 100 مليون جنيه بحد اقصي 100 الف جنيه للعامل الواحد.   وقدمت وزارة القوى العاملة والهجرة  كرفانات للإعاشة والنوم يسع الواحد 22 فردا ، فضلا عن كرفانات كدورات مياه مزودة بحمامات متنقلة وخزانات مياه.

 وسلمت الوزارة 5 آلاف جنيه مقدمة من '' 3000 من الوزارة و2000 من شركة شاورما الريم'' لكل أسرة من أسر الشهداء السبعة في محور القناة الذي توفوا مؤخرا بالمشروع.

وكانت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة هى المنوط بها اختبارالعمال والتعاقد مع من يصلح منهم وفقا لاحتياجات عمليات الحفر التي تجرى حاليا وكانت هناك لجنة مشكلة بعضوية 11 وزارة و9 جهات لتوفير العمالة اللازمة للمشروع واستوعب المشروع العملاق  جميع التخصصات.