كتبت : نهى سعيد
عرض القرآن الكريم للرؤى في أكثر من سورة لعدد من الرسل ومن بينها ما يتطلب التنفيذ والتطبيق على الرغم مما فيها من مشقة وقد يشتد احيانا الى درجة إزهاق الروح ولكنها ليست هدفا بحد ذاتها بقدر ما هى ابتلاء واختبار للمدى الايمانى ولتكون سبيلا من سبل التصديق بالنبوة والرسل.
قال تعالى : ( إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحـد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين، قال يا بني لا تـقصص رؤياك على اخوتـك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين، وكذلك يجتبيك ربك ويـعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم واسحق إن ربك عليم حكيم) سورة يوسف الآيات 4-6
كانت رؤى سيدنا يوسف محور نبوته كلها . وقد بدأت معه عليه السلام منذ يفاعة الطفولة وبراءتها وظلت تعيش أحداث حياته .
لقد رأى يوسف في إحدى لياليه كأن الشمس والقمر وأحد عشر كوكبا من كواكب السماء تنزل من عليائها إلى الأرض وتذل بين يديه وتخضع في حركة تشبه السجود ، فتهيب الرؤى ، فقصها على أبيه (يعقوب عليه السلام) لما يتمتع به من رجاحة عقل وبعد نظر ، وحنان بالغ يفيضه على ( يوسف).
فحذر يعقوب يوسف عليهما السلام من أن يحكي هذا لإخوته ، ولم يكن ذلك إرهاصا من يعقوب عليه السلام بتأويل الرؤى بحذافيرها إنما كان ذلك استشعار لأبعادها في المكرمة الإلهية ليوسف عليه السلام والمقام الذي يمكن أن يتبوأه فالاصطفاء والاختيار أول مـعلم من معالم النبوة .
وظلت رؤيا يوسف عليه السلام في طي الأحداث ومجريات الحياة وعلى الرغم من إتمام النعمة عليه بالاصطفاء وتعليمه تأويل الأحاديث ثم خروجه من السجن إلى رحاب السلطان والتمكن في الأرض بسبب منها ، فقد بقيت رؤياه تدور في فلك حياته بين تياري المحنة والمنحة إلى أن اختتمت بإخضاع الله لاخوته له واعترافهم بذنوبهم وإذعانهم لمكانته بينهم برمزية السجود بين يديه.
ولم يكن يوسف عليه السلام من فضل في تعبير هذه الرؤى سوى التصريح عنها عندما قال :( هذا تأويل رؤياي من قبل ..) إنما الفضل كله لله تعالى في تأويلها والتعبير عنها بالحركة. فقال عليه السلام: ( قد جعلها ربي حقا).