كتبت : نهى سعيد
ميدان التحرير أو ميدان الاسماعيلية أو ميدان السادات أو أيضاً ميدان الشهداء، كلها أسماء أطلقت على ميدان التحرير على مر العصور منذ إنشائه منذ حوالى قرن ونصف القرن. وكانت بدايته في عهد الخديو إسماعيل (1863-1879م) الذي يعد أول من عمَر منطقة وسط البلد الآن.
ويحاكي الميدان في تصميمه ميدان شارل ديجول الذي يحوي قوس النصر في العاصمة الفرنسية باريس.
ويعد ميدان التحرير هو أحد أكبر ميادين العاصمة المصرية شهرةً وأيضاً من أهمها من حيث الحركة والموقع، ولكن الأهم من كل هذا هي لغة التاريخ التي أجبرتنا على التحدث عن هذا الميدان العتيق وعن دوره المهم منذ إنشائه وحتى يومنا هذا.
فمنذ انشاء الميدان وهو يشهد العديد من الأحداث الهامه فى تاريخ مصر فمـثلا عام 1881 خرج الزعيم الراحل احمد عرابى من الميدان بقياده وحده عسكريه متجهاً إلى قصر عابدين .
ولكن اول واهم الاحداث التى مرت على الميدان اثناء ثوره 1919 حيث تجمع الآلاف من المصرين أمام سكنات الجيش الانجليزى التى كانت معسكره فى الميدان وأجبرته على الموافقه على عودة الزعيم سعد زغــلول.
وظل أسم ميدان الاسماعيليه حوالى قرن حتى قامت ثوره 1952 التى غيرت اسم الميدان إلى ميدان التحرير تيمناً بتخليص وتحرير مصر من مفاسد أسره محمد على والأحتلال الانجليزى .
وبدأت أهميه الميدان تظهر فى العهد الحديث أثناء العدوان الثلاثى على مصر , حيث تجمع آلاف المصريين فى الميدان للتطوع ضد الاحتلال فى بورسعيد وفى 9 يونيو 1967 عندما قرر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر التنحى عن منصبه كرئيس للجمهوريه بعد النكسه .
وانطلقت حشود هائله من الناس إلى الميدان تطالبه بالبقاء والتراجع عن قراره .
وبعدها بسنة تقريباً فى سبتمبر 1968 شهد الميدان مظاهرات جديده من الشباب والطلاب تطالب بمزيد من الحريه والديمقراطيه (أعلونا عن رفضهم للأحكم التى صدرت ضد بعض مسؤلين عن نكسه 67 ) وفى يناير 1972 شهد الميدان واحداً من أكبر المظاهرات الطلابيه ضد أنور السادات ليعبروا عن غضبهم واستيائهم بسبب تأخر الرئيس انور السادات فى الرد على النكسه وأعلان الموعد النهائى للحرب .
وفى أكتوبر 1973 تغيرت النغمات والاصوات واحتشد الناس مره اخرى فى نفس الميدان لتحيه السادات عندما كان قادماً لالقاء خطاب النصر فى مجلس الشعب وتتغير النغمه تاره أخرى إلى الغضب والاعتراض ….!
حيث تجمع الناس فى عام1977 (عام الانفتاح الاقتصادى) فى الميدان ليعبروا عن غضبهم بسبب رفع العديد من السلع الاساسيه .
وعندما أندلعت الحرب ضد العراق وتم غزو بغداد في ابريل 2003 أشتعلت المظاهرات وكان ميدان التحرير هو أكبر تجمع لأكبر مظاهرة فى مصر.
ومنذ ذاك الوقت وأنفتحت الشهية للمظاهرات التي نظمتها حركات مثل كفاية و 6 ابريل في كل المناسبات.
إلى أن جاء الإنفجار الأكبر في 25 يناير 2011حين أحتشد ملايين المصريين في ميدان التحرير مطالبين بتنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك من رئاسة الجمهورية (هناك فرق بين هذا وذاك ) واتخذوا الميدان مقرا لثورتهم إلي ان اعلن نائب الرئيس في بيان رسمي تخلي الرئيس عن منصبه في مساء الجمعة 11 فبراير 2011.
كما احتشد جموع غفيرة من الناس مرة أخرى فى ثورة 30 يونيو عام 2013 ليعلنوا عن رفضهم لحكم الاخوان وليطالبوا برحيل الرئيس محمد مرسي.
والاحداث التى سهدتها الميدان جعلته يقدّم نفسه في صورة المدينة الفاضلة، حيث مثَّل كل مشاعر الحنين لمصر الموحّدة؛ التي لا تتفكك وفقا للاختلافات الطبقية أو الدينية أو الإيديولوجية أو العمرية، أو تلك المستندة إلى نوعٍ أو مسقط رأسٍ؛ وهي الوحدة التي برزت في انتماءات الجموع المتوافدة والصامدة في الميدان أثناء الثورة.
فاصبح الميدان يكتسب رمزية سياسية, ومن المثير والفارق في حالة ميدان التحرير أنه وخلال الثمانية عشرة يوماً، برز نموذج الفعل السياسي الشعبي الجامع والموحد، والمدعوم بقيم معيارية وأخلاق أطلق عليها فيما بعد "أخلاق الميدان".
وهو أمر استثنائي في شؤون السياسة التي تُعرّف نفسها على أنها فنّ التنازع والصراع، إلا أنه من الواقعية الاعتراف أن هذا الاستثناء تمر عليه الخطوب والحوادث، ومن ثم يعود ميدان التحرير مكانا ورمزا وبكل المعاني التي أصبح يحملها، ليصبح محل تنازع بين الكثير من القوى السياسية والاجتماعية والثقافية، وهذا التنازع لا يجب أن يكون مدعاة للإحباط الذي أصبح يعتري الكثيرين، إذ أن هذا التنازع حول ميدان التحرير ومَن الأحق بتمثيله هو الذي يجعل منه رمزاً سياسياً .
و
بذلك كان وسيظل ميدان التحرير شاهد على الحرية والصمود الشعبى ...انه حقا قلب مصر النابض .